سورة النساء - تفسير تفسير الثعلبي

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
تفسير السورة  
الصفحة الرئيسية > القرآن الكريم > تفسير السورة   (النساء)


        


{إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ قَدْ ضَلُّوا ضَلَالًا بَعِيدًا (167) إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَظَلَمُوا لَمْ يَكُنِ اللَّهُ لِيَغْفِرَ لَهُمْ وَلَا لِيَهْدِيَهُمْ طَرِيقًا (168) إِلَّا طَرِيقَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا وَكَانَ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرًا (169) يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَكُمُ الرَّسُولُ بِالْحَقِّ مِنْ رَبِّكُمْ فَآمِنُوا خَيْرًا لَكُمْ وَإِنْ تَكْفُرُوا فَإِنَّ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا (170) يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لَا تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ وَلَا تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ إِلَّا الْحَقَّ إِنَّمَا الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ رَسُولُ اللَّهِ وَكَلِمَتُهُ أَلْقَاهَا إِلَى مَرْيَمَ وَرُوحٌ مِنْهُ فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ وَلَا تَقُولُوا ثَلَاثَةٌ انْتَهُوا خَيْرًا لَكُمْ إِنَّمَا اللَّهُ إِلَهٌ وَاحِدٌ سُبْحَانَهُ أَنْ يَكُونَ لَهُ وَلَدٌ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَكَفَى بِاللَّهِ وَكِيلًا (171) لَنْ يَسْتَنْكِفَ الْمَسِيحُ أَنْ يَكُونَ عَبْدًا لِلَّهِ وَلَا الْمَلَائِكَةُ الْمُقَرَّبُونَ وَمَنْ يَسْتَنْكِفْ عَنْ عِبَادَتِهِ وَيَسْتَكْبِرْ فَسَيَحْشُرُهُمْ إِلَيْهِ جَمِيعًا (172) فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ فَيُوَفِّيهِمْ أُجُورَهُمْ وَيَزِيدُهُمْ مِنْ فَضْلِهِ وَأَمَّا الَّذِينَ اسْتَنْكَفُوا وَاسْتَكْبَرُوا فَيُعَذِّبُهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا وَلَا يَجِدُونَ لَهُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلِيًّا وَلَا نَصِيرًا (173)}
{إِنَّ الذين كَفَرُواْ وَصَدُّواْ عَن سَبِيلِ الله قَدْ ضَلُّواْ ضلالا بَعِيداً * إِنَّ الذين كَفَرُواْ وَظَلَمُواْ} يعني اليهود الذين علم الله تعالى منهم إنهم لايؤمنون {لَمْ يَكُنِ الله لِيَغْفِرَ لَهُمْ وَلاَ لِيَهْدِيَهُمْ طَرِيقاً} يعني دين الإسلام {إِلاَّ طَرِيقَ جَهَنَّمَ} يعني اليهودية {خَالِدِينَ فِيهَآ أَبَداً وَكَانَ ذلك عَلَى الله يَسِيراً} إلى قوله تعالى: {ياأهل الكتاب لاَ تَغْلُواْ} الآية نزلت في النسطورية والماريعقوبية والملكانية والمرقوسية وهم نصارى نجران وذلك إن الماريعقوبية قالوا لعيسى: هو الله، وقالت النسطورية: هو ابن الله، وقالت المرقوسية: هو روح الله، فأنزل الله تعالى {ياأهل الكتاب} يعني يا أهل الانجيل وهم النصارى {لاَ تَغْلُواْ فِي دِينِكُمْ} أي لا تتشددوا في دينكم فتفتروا عليّ بالكذب، وأصل الغلو مجاوزة الحد في كل شيء، يقال: غلا بالجارية لحمها وعظمها إذا أسرعت الشباب فجاوزت لداتها يغلو بها غلواً وغلاء.
خالد المخزومي:
خمصانة فلق موشحها *** رؤد الشباب غلا بها عِظَم
{وَلاَ تَقُولُواْ عَلَى الله إِلاَّ الحق} لا تقولوا أن لله شركاء أو ابناً، ثم بين حال عيسى وصفته فقال: {إِنَّمَا المسيح عِيسَى ابن مَرْيَمَ} وهو الممسوح المطهر من الذنوب والأدناس التي تكون في الناس كما يمسح للشيء من الاذى الذي يكون فيه فيطهر، عيسى ابن مريم لا ابن الله بل رسول الله [وعبده قال: «إنّي عبد الله آتاني الكتاب وجعلني نبّياً»] ردَّ بهذا على اليهود والنصارى جميعاً {وَكَلِمَتُهُ} يعني قوله: كن، فكان بشراً من غير أب وذلك قوله تعالى: {كَمَثَلِ ءَادَمَ خَلَقَهُ مِن تُرَابٍ} [آل عمران: 59] الآية وقيل: هي بشارة الله مريم بعيسى ورسالته إليها على لسان جبرئيل وذلك قوله تعالى: {إِذْ قَالَتِ الملائكة يامريم إِنَّ الله يُبَشِّرُكِ بِكَلِمَةٍ مِّنْهُ اسمه المسيح} [آل عمران: 45] وقال تعالى مصدّقاً بكلمة من الله {أَلْقَاهَا إلى مَرْيَمَ} يعني أعلمها وأخبرها بها كما يقال: ألقيت إليك كلمة حسنة {وَرُوحٌ مِّنْهُ} الآية.
قال بعضهم: معناه ونفخة منه وذلك أن جبرئيل نفخ في درع مريم فحملت بإذن الله، فقال: {وَرُوحٌ مِّنْهُ} لأنه بأمره كان المسيح وربما لأنه ريح يخرج من الروح، قال ذو الرمة يصف شرر النار التي تسقط من القداحة:
فقلت له ارمها إليك وأحيها *** بروحك واقتته لها قيتة قدراً
واجعل لها قوتاً بقدر. يدل عليه قوله تعالى: {والتي أَحْصَنَتْ فَرْجَهَا} [الأنبياء: 91] الآية هذا معنى قول عذرتها.
وقال أبو عبيدة: إنّه كان إنساناً بإحياء الله عز وجل إياه، يدل عليه قول السدّي {وَرُوحٌ مِّنْهُ} أي مخلوق من عنده، وقيل: معناه ورحمة من الله تعالى، عيسى رحمة لمن شهد وآمن به، يدل عليه قوله في المجادلة {وَأَيَّدَهُمْ بِرُوحٍ مِّنْهُ} [المجادلة: 22] أي قوّاهم برحمة منه، فدلّ الروح بالوحي أوحى إلى مريم بالبشارة وأوحى إلى مريم بالمسيح وأوحى أنه ابن مريم يدلّ عليه قوله تعالى: {بروح منه} يعني بالوحي، وقال في حم المؤمن: {يُلْقِي الروح مِنْ أَمْرِهِ على مَن يَشَآءُ مِنْ عِبَادِهِ} [غافر: 15].
وقال: {وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَآ إِلَيْكَ رُوحاً مِّنْ أَمْرِنَا} [الشورى: 52] أي وحينا، وقيل: إهدنا بروح جبرئيل فقال: {وَكَلِمَتُهُ أَلْقَاهَا إلى مَرْيَمَ} وألقى إليها أيضاً روح منه وهو جبرائيل. يدل عليه قوله في النحل {قُلْ نَزَّلَهُ رُوحُ القدس} [النحل: 102] نظيره في الشعراء قال: {نَزَلَ بِهِ الروح الأمين} [الشعراء: 193] وقال: {وَأَيَّدْنَاهُ بِرُوحِ القدس} [البقرة: 87] وقال: {يُنَزِّلُ الملائكة بالروح مِنْ أَمْرِهِ} [النحل: 2] يعني جبرئيل، وقال: {فَأَرْسَلْنَآ إِلَيْهَآ رُوحَنَا} [مريم: 17] الروح الوحي يعني من الإضافة إليه على التخصيص كقوله لآدم عليه السلام {وَنَفَخْتُ فِيهِ مِن رُّوحِي} [الحجر: 29].
قال الثعلبي: وسمعت الأستاذ أبا القاسم الحبيبي يقول: كان لهارون الرشيد غلام نصراني متطبّب وكان أحسن خلق الله وجهاً وأكملهم أدباً وأجمعهم للخصال التي يتوسل بها إلى الملوك وكان الرشيد مولعاً بأن يسلم وهو ممتنع وكان الرشيد يمنيه الأماني فيأبى فقال له ذات يوم: مالك لاتؤمن؟ قال: لأن في كتابكم حجة على من انتحله، قال وما هو؟ قال: قوله: {وَكَلِمَتُهُ أَلْقَاهَا إلى مَرْيَمَ وَرُوحٌ مِّنْهُ} أفغير هذا دين النصارى أن عيسى جزء منه، فغمّ قلب الرشيد لذلك فدعا العلماء والفقهاء فلم يكن منهم من يزيل تلك الشبهة حتى قيل: قدم حجاج خراسان وفيهم رجل يقال له علي بن الحسين بن واقد من أهل مرو إمام في أهل القرآن، فدعاه وجمع بينه وبين الغلام، فسأل الغلام فأعاد قوله، فاستعجم على علي بن الحسين الوقت جوابه فقال: يا أمير المؤمنين قد علم الله في سابق علمه أن مثل هذا الحدث يسألني في مجلسك، وإنه لم يخل كتابه من جوابي وليس يحضرني في الوقت لله عليَّ أن لا أُطعم حتى آتي الذي فيأمن حقها ان شاء الله، فدخل بيتاً مظلماً، وأغلق عليه بابه وانشغل في قراءة القرآن حتى بلغ سورة الجاثية {وَسَخَّرَ لَكُمْ مَّا فِي السماوات وَمَا فِي الأرض جَمِيعاً مِنْهُ} [الجاثية: 13] فصاح بأعلى صوته: إفتحوا الباب فقد وجدت، ففتحوا، ودعا الغلام وقرأ عليه الآية بين يدي الرشيد، وقال: إن كان قوله: {وروح منه} توجبان عيسى بعض منه وجب أن يكون ما في السماوات وما في الأرض بعضاً منه، فانقطع النصراني وأسلم وفرح الرشيد فرحاً شديداً ووصل علي بن الحسين بصلة فاخرة فلما عاد إلى مرو صنف كتاب «النظائر في القرآن» وهو كتاب لايوازيه في بابه كتاب.
{فَآمِنُواْ بالله وَرُسُلِهِ وَلاَ تَقُولُواْ ثَلاَثَةٌ} قال أبو عبيدة: معناه ولاتقولوا هم ثلاثة.
وقال الزجاج: ولاتقولوا آلهتنا ثلاثة، وذلك أنهم قالوا: أب وابن وروح القدس، {انتهوا} عن كفركم {خَيْراً لَّكُمْ} إلى قوله: {لَّن يَسْتَنكِفَ المسيح أَن يَكُونَ عَبْداً للَّهِ} وذلك إن وفد نجران قالوا: يا محمد لم تعيب صاحبنا؟ قال: ومن صاحبكم؟
قالوا: عيسى.
قال: وأي شي أقول؟ قال: تقول أنه عبد الله ورسوله، فقال لهم: إنه ليس بعار لعيسى إن يكون عبداً لله. قالوا: بلى، فنزلت {لَّن يَسْتَنكِفَ المسيح أَن يَكُونَ عَبْداً للَّهِ} الآية. لم يأنف ولم يتعظّم ولم يختتم وأصله الأنفة، والتجنب وأصله في اللغة من قولهم نكفت الدمع إذا نحيته بإصبعك عن خدك.
قال الشاعر:
فباتوا فلولا ما تذكر عنهم *** من الحلف لم ينكف لعينيك تدمع
{وَلاَ الملائكة المقربون} هم حملة العرش لايأبون ان يكونوا عبيداً لله، لأن من الكفار من اتخذ الملائكة آلهة فلذلك ذكرهم ثم أوعدهم فقال: {وَمَن يَسْتَنْكِفْ عَنْ عِبَادَتِهِ وَيَسْتَكْبِرْ فَسَيَحْشُرُهُمْ إِلَيهِ جَمِيعاً} المستكبر والمقر {فَأَمَّا الذين آمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصالحات فَيُوَفِّيهِمْ أُجُورَهُمْ وَيَزيدُهُمْ مِّن فَضْلِهِ} في التضعيف ما لا عين رأت ولا أُذن سمعت ولا خطر على قلب بشر.
{وَأَمَّا الذين استنكفوا} عن عبادته {واستكبروا} عن السجود {فَيُعَذِّبُهُمْ عَذَاباً أَلِيماً وَلاَ يَجِدُونَ لَهُمْ مِّن دُونِ الله وَلِيّاً وَلاَ نَصِيراً} ثم قال: {الله ولي الذين آمنوا}.


{يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَكُمْ بُرْهَانٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكُمْ نُورًا مُبِينًا (174) فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَاعْتَصَمُوا بِهِ فَسَيُدْخِلُهُمْ فِي رَحْمَةٍ مِنْهُ وَفَضْلٍ وَيَهْدِيهِمْ إِلَيْهِ صِرَاطًا مُسْتَقِيمًا (175) يَسْتَفْتُونَكَ قُلِ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِي الْكَلَالَةِ إِنِ امْرُؤٌ هَلَكَ لَيْسَ لَهُ وَلَدٌ وَلَهُ أُخْتٌ فَلَهَا نِصْفُ مَا تَرَكَ وَهُوَ يَرِثُهَا إِنْ لَمْ يَكُنْ لَهَا وَلَدٌ فَإِنْ كَانَتَا اثْنَتَيْنِ فَلَهُمَا الثُّلُثَانِ مِمَّا تَرَكَ وَإِنْ كَانُوا إِخْوَةً رِجَالًا وَنِسَاءً فَلِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ أَنْ تَضِلُّوا وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ (176)}
قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الناس قَدْ جَآءَكُمْ بُرْهَانٌ مِّن رَّبِّكُمْ} يعني محمد صلى الله عليه وسلم إلى قوله تعالى: {يَسْتَفْتُونَكَ قُلِ الله يُفْتِيكُمْ فِي الكلالة}.
روى محمد بن المنكدر وابو الزبير عن جابر بن عبد الله قال: مرضت فأتاني رسول الله صلى الله عليه وسلم يعودني هو وأبو بكر فلما غشياني فوجدني قد أغمي عليّ فتوضّأ رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم صَبّ عليّ من وضوئه فأفقت، فقلت: يا رسول الله كيف أصنع في مالي وكان لي سبع أخوات ولم يكن لي ولد ولا والد؟ قال: فلم يجبني شيئاً ثمّ خرج وتركني ثم رجع إليّ وقال: «يا جابر إني لا أراك ميّتاً من وجعك هذا وإن الله عز وجل، قد أنزل في أخواتك وجعل لهن الثلثين»، وقرأ هذه الآية {يَسْتَفْتُونَكَ} إلى آخرها.
وكان جابر يقول: نزلت هذه الآية فيَّ.
الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس: نزلت هذه الآية في جابر وفي أخته أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله إن لي أُختاً فما لي وما لها.
فنزلت هذه الآية وابتدأ بالرجل، فيقال: إنه مات قبل أُخته.
سعيد عن قتادة قال: قال بعضهم على الكلالة فقالوا يا نبي الله صلى الله عليه وسلم فأنزل الله عز وجل هذه الآية {يَسْتَفْتُونَكَ} أي يستخبرونك ويسألونك {قل الله يفتيكم في الكلالة}.
قال الشعبي: اختلف أبو بكر وعمر رضي الله عنهما في الكلالة وقال أبو بكر: هو ما عدا الولد، وقال عمر: هو ما عدا الوالد.
ثم قال عمر: إني لأستحي من الله أن أُخالف أبا بكر.
وقال عمر رضي الله عنه: لأن يكون النبي صلى الله عليه وسلم بينهنّ لكان أحب إلينا من الدنيا وما فيها، الكلالة والخلافة وأبواب الربا.
وقال محمد بن سيرين: نزلت هذه الآية والنبي صلى الله عليه وسلم في مسيره إلى حجة الوداع، وإلى جنبه حذيفة بن اليمان وإلى جنبه عمر فبلغها النبي صلى الله عليه وسلم إلى حذيفة وبلغها حذيفة إلى عمر وهو يسير خلف حذيفة، فلما استخلف عمر سأل حذيفة عنها ورجا أن يكون عنده تفسيرها، فقال له حذيفة: والله إنك لأحمق أن ظننت أنّ إمارتك تحملني أن أُحدّثك فيها ما لم أُحدّثك يومئذ لما لقّانيها رسول الله صلى الله عليه وسلم والله، لا أزيدك عليها شيئاً أبداً فقال عمر: لم أرد هذا رحمك الله، ثم قال عمر: من كنت بيّنتها له فإنها لم تبين لي وما شهدك أفهمتها له فإني لم أفهمها.
وقال طارق بن شهاب: أخذ عمر كتفاً وجمع أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ثم قال: لأقضينّ في الكلالة قضاءً تحدّث به النساء في خدورها فخرجت حينئذ حية من البيت فتفرّقوا، فقالوا: لو أراد الله أن يتم هذا الأمر لأتمّه.
وقال أبو الخير: سأل رجل عتبة عن الكلالة، فقال: ألا تعجبون من هذا، يسألني عن الكلالة ما شغل أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم شيء مثل ما شغلت بهم الكلالة.
وخطب عمر الناس يوم الجمعة فقال: والله إني ما أدع بعدي شيئاً هو أهم من الكلالة، قد سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عنها فما أغلظ لي في شيء ما أغلظ لي فيها حتى طعن الناس فيّ وقال: تكفيك الآية التي في آخر سورة النساء، وقيل لها: آية الصيف لأنها نزلت في الصيف.
وقال أبو بكر رضي الله عنه في خطبته: ألا إن الآية التي أنزلها الله في سورة النساء من شأن الفرائض أنزلها في الولد والوالد، والآية الثانية في الزوج والزوجة والأُخوة منهم، والآية التي ختم بها سورة النساء من ذكر بعضهم.

2 | 3 | 4 | 5 | 6 | 7 | 8 | 9